قال تعالى فى سورة الكهف: فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا.. فما معنى كلمة باخع ؟

 


 

القول في تفسير قوله تعالى: فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا..

التفسير الميسر: فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا

   فلعلك -أيها الرسول- مُهْ0لِك نفسك غمًّا وحزنًا على أثر تولِّي قومك وإعراضهم عنك، إن لم يصدِّقوا بهذا القرآن ويعملوا به.

المختصر في التفسير: شرح المعنى باختصار

   فلعلك -أيها الرسول- مُهْلك نفسك حزنًا وأسفًا إن لم يؤمنوا بهذا القرآن، فلا تفعل، فليس عليك هدايتهم، وإنما عليك البلاغ.

تفسير الجلالين: معنى وتأويل الآية 6

   «فلعلك باخع» مه0لك «نفسك على آثارهم» بعدهم أي بعد توليهم عنك «إن لم يؤمنوا بهذا الحديث» القرآن «أسفا» غيظا وحزنا منك لحرصك على إيمانهم، ونصبه على المفعول له.

تفسير السعدي: فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا

   ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على هداية الخلق، ساعيا في ذلك أعظم السعي، فكان صلى الله عليه وسلم يفرح ويسر بهداية المهتدين، ويحزن ويأسف على المكذبين الضالين، شفقة منه صلى الله عليه وسلم عليهم، ورحمة بهم، أرشده الله أن لا يشغل نفسه بالأسف على هؤلاء، الذين لا يؤمنون بهذا القرآن، كما قال في الآية الأخرى: { لعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين } وقال { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } وهنا قال { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ }- أي: مهل0كها، غما وأسفا عليهم، وذلك أن أجرك قد وجب على الله، وهؤلاء لو علم الله فيهم خيرا لهداهم، ولكنه علم أنهم لا يصلحون إلا للنار، فلذلك خ0ذلهم، فلم يهتدوا، فإشغالك نفسك غما وأسفا عليهم، ليس فيه فائدة لك.


 

   وفي هذه الآية ونحوها عبرة، فإن المأمور بدعاء الخلق إلى الله، عليه التبليغ والسعي بكل سبب يوصل إلى الهداية، وسد طرق الضلال والغواية بغاية ما يمكنه، مع التوكل على الله في ذلك، فإن اهتدوا فبها ونعمت، وإلا فلا يحزن ولا يأسف، فإن ذلك مضعف للنفس، هادم للقوى، ليس فيه فائدة، بل يمضي على فعله الذي كلف به وتوجه إليه، وما عدا ذلك، فهو خارج عن قدرته، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله له: { إنك لا تهدي من أحببت } وموسى عليه السلام يقول: { رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي } الآية، فمن عداهم من باب أولى وأحرى، قال تعالى: { فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر }

تفسير البغوي: مضمون الآية 6 من سورة الكهف

   ( فلعلك باخع نفسك على آثارهم ) من بعدهم ( إن لم يؤمنوا بهذا الحديث ) أي: القرآن ( أسفا ) أي حزنا وقيل غضبا.

التفسير الوسيط: ويستفاد من هذه الآية

   ثم ساق- سبحانه - ما يسلى الرسول صلى الله عليه وسلم عما أصابه من حزن بسبب إعراض المشركين عن دعوة الحق، فقال-تبارك وتعالى-: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا.
   قال بعض العلماء ما ملخصه: اعلم- أولا- أن لفظة لعل تكون للترجى في المحبوب، وللإشفاق في المحذور.
   واستظهر أبو حيان أن لعل هنا للإشفاق عليه صلى الله عليه وسلم أن يبخع نفسه لعدم إيمانهم.
   وقال بعضهم إن لعل هنا للنهى.

---


   أى لا تبخع نفسك لعدم إيمانهم.. وهو الأظهر، لكثرة ورود النهى صريحا عن ذلك، قال-تبارك وتعالى-: فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ...
   وقوله باخِعٌ من البخع، وأصله أن تبلغ بالذ0بح البخاع- بكسر الباء- وهو عرق يجرى في الرقبة.
   وذلك أقصى حد الذ0بح.
   يقال: بخع فلان نفسه بخعا وبخوعا.
   أى: قت0لها من شدة الغيظ والحزن، وقوله: عَلى آثارِهِمْ أى: على أثر توليهم وإعراضهم عنك، وقوله أَسَفًا أى: هما وغما مع المبالغة في ذلك، وهو مفعول لأجله.
   والمعنى: لا تهلك نفسك- أيها الرسول الكريم- هما وغما، بسبب عدم إيمان هؤلاء المشركين.
   وبسبب إعراضهم عن دعوتك فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ، وإِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ.
   قال الزمخشري: شبهه- سبحانه - وإياهم حين تولوا عنه ولم يؤمنوا به، وما داخله من الوجد والأسف على توليهم، برجل فارقته أحبته وأعزته فهو يتساقط حسرات على آثارهم ويبخع نفسه وجدا عليهم، وتلهفا على فراقهم.


فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا: 

تفسير ابن كثير

   يقول تعالى مسليا رسوله صلى الله عليه وسلم في حزنه على المشركين، لتركهم الإيمان وبعدهم عنه، كما قال تعالى: { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } [ فاطر: 8 ]، وقال } ولا تحزن عليهم } [ النحل: 127 ]، وقال { لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين } [ الشعراء: 3 ]


   باخع: أي مه0لك نفسك بحزنك عليهم ؛ ولهذا قال { فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث } يعني القرآن } أسفا } يقول: لا تهلك نفسك أسفا.
   قال قتادة: قا0تل نفسك غضبا وحزنا عليهم. وقال مجاهد: جزعا. والمعنى متقارب، أي: لا تأسف عليهم، بل أبلغهم رسالة الله، فمن اهتدى فلنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات.

تفسير القرطبي: معنى الآية 6 من سورة الكهف

   قوله تعالى: فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا قوله تعالى: فلعلك باخع نفسك على آثارهم باخع أي مه0لك وقات0ل ; وقد تقدم.
   آثارهم جمع أثر، ويقال إثر.
   والمعنى: على أثر توليهم وإعراضهم عنك.
   إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أي القرآن.
   أسفا أي حزنا وغضبا على كفرهم ; وانتصب على التفسير.

اذا اتممت القراءة اترك ذكر سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم




close